ذكرى وفاة المرجع الكبير السيد محمد حسين فضل الله في بيروت

مؤسَّسات المرجع فضل الله تحيي ذكراه السّادسة بحشدٍ شعبيٍّ في الحسنين(ع) وكلمات تشدّد على الحاجة لفكره ومواقفه في مواجهة الفتنةفضل الله: لم يرد السيّد أن يكون له أتباع يعبدون الشَّخص
أقامت مؤسَّسات المرجع الراحل السيّد محمّد حسين فضل الله احتفالاً حاشداً في قاعة الزهراء ـ مجمع الإمامين الحسنين، في الذكرى السادسة لرحيله، بحضور شخصيّات عربيّة وإسلاميّة وفعاليات لبنانيّة، على رأسها مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان ممثلاً بالشيخ بلال الملا، الشيخ سامي أبو المنى ممثّلاً شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ نعيم حسن، الشيخ حسن المصري ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، الأستاذ محمّد السماك ممثلاً الرئيس سعد الحريري، الأستاذ زاهر رعد ممثلاً النائب وليد جنبلاط، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمّد رعد، عمر المصري ممثلاً الأمين العام للجماعة الإسلاميّة عزام الأيوبيّ، النائب علي المقداد، النّائب أمين وهبي، النّائب مروان فارس، رئيس حزب حزب مصر القويّة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وشخصيات سياسية وعلمائيّة ودبلوماسيّة وعسكريّة، وممثّلين عن الفصائل الفلسطينيّة، وحشد من محبّي السيّد فضل الله ومريديه…

في البداية، ألقى أحمد رمضان كلمة الشَّباب، معاهداً السيّد على الالتزام بالخطّ الّذي انفتح على قضايا الشّباب وعالج مشكلاتهم. 

طنب:

ثمّ ركّز البروفسور رولان طنب، عميد كلية الطبّ في جامعة القديس يوسف، على الجانب الإنساني المنفتح في شخصية السيد فضل الله، فقال: “هو الَّذي عوّدنا على الكلام الحرّ، والرأي الجريء، والإبداع المتفوّق، والنّظرة المستقبليّة الرائدة”، مشيداً بانفتاحه الجريء على الحداثة وتطوّر العلوم، وبدعوته الدائمة إلى توفير مناخ الحرية للعقل ليعطي بدون حدود.. 

دلال:

وتحدّث رئيس جمعية محترف الفتن التشيكلي للثقافة والفنون في راشيا، الأستاذ شوقي دلال، فأكَّد أنَّ “السّيّد فضل الله باقٍ.. مرّ كالوميض سريعاً سريعاً، كما تُقبّل العبقرية شفاه الفن وترحلُ تاركةً نشوة الإبداع”.

الحسيني:

وتحدّث السيّد محمّد الحسيني من العراق، فأكَّد أنّ السّيّد فضل الله كان قائداً ومربياً وأباً وأخاً، كما كان الفقيه الإنسان البعيد عن فقهاء الفتنة والاحتراب والخصام.. كان يؤمن بأنَّ الحياة تتّسع للجميع، ولا يجوز تحجيرها وخنقها..

حمود:

ثمّ تكلّم إمام مسجد القدس الشَّيخ ماهر حمود، فشدَّد على الدَّور المعرفيّ والإرشاديّ والتوجيهيّ لسماحة السيّد في تصويب المسار الإسلاميّ، مؤكّداً الحاجة الكبرى إلى عقله وصوته ومواقفه في مواجهة هذا الشرخ الَّذي يتعمَّق كل يوم.. داعياً إلى الوقوف مع هذا النهج؛ نهج السيّد فضل الله، في مواجهة الفتنة المذهبيّة، حيث أصبح الانتماء إلى المذهب أهمّ من الانتماء إلى الدّين.

الصدر:

وقالت السيّدة رباب الصَّدر: “كنت مشمولة برعايتك لي ولأعمالي، في ظلّ قيادتك الفذة التي حولت زاوية خير قامت برعاية الإمام الخوئي لاحتضان النّاس بعد اجتياج إسرائيل العام 1978، إلى مؤسَّسات كبيرة تسدّ حاجات اليتم والإعاقة والشَّيخوخة والعلم في الضّاحية والجنوب والبقاع”.

غلوم

أمّا سماحة الشَّيخ علي غلوم من الكويت، فتحدث عن الدور الكبير للسيد في مواجهة العدو الصّهيونيّ، ودوره في تحرير الأرض من الاحتلال، مشدداً على أولوية المسألة الوحدوية في مشروع السيد، ومشيداً بموقعه المرجعيّ في معالجة جميع شؤون الحياة، فضلاً عن الانفتاح الكبير على الآخر، والذي تميّز به ومارسه بكلّ محبّة وأريحيّة.

العلامة فضل الله

واختتم الاحتفال بكلمة للعلامة السيّد علي فضل الله، جاء فيها: “حضوركم هو تعبير عن وفائكم للسيّد(رض)، وللنّهج الَّذي خطّه في حياته، وعبَّر عنه بقلمه وخطبه ومحاضراته ولقاءاته وحركته وحضوره في كلّ الميادين، والَّذي كرس حياته لتثبيته من أجل إسلام الوحدة؛ الإسلام المتلاقي مع الأديان الأخرى، والمادّ جسور التواصل مع الآخر. لكن لا بدَّ لي من أن أخصّ بالذكر الَّذين تقدَّموني بكلماتهم، الَّتي مثّلت شهادات تعبّر بصدق عن هذا النّهج…”. 

وتابع: “هناك الكثير الكثير مما يقال بحقّ السيّد(رض)، نظراً إلى التنوع الذي طبع شخصيته… لقد كان سماحة السيّد فضل الله(رض) حريصاً على أن يقرأ القرآن والسنَّة بعيون معاصرة، حتى يلبي حاجات الناس الراهنة، ولم يجمد عند المعنى اللغويّ الحرفيّ للنّصّ، بل كان ينفتح بوعيه على إيحاءات النصّ الذي يجري مجرى الشمس والقمر، ويحرص على أن ينطلق في كلّ اجتهاداته من هذا الوعي، ما جعله من أولئك القلَّة الذين أعادوا للإسلام ولخط أهل البيت(ع) إشراقتهما التي افتقداها طويلاً”.

وقال: “واستناداً إلى هذا الوعي، رفض السيّد الخضوع للسائد والجاري والمشهور وحتى الإجماع، ولم يرتهن لكل تلك التهاويل، بل استند إلى الدَّليل، وقال للآخرين: لكم منطقكم ولي منطقي، ولكم عقولكم ولي عقلي.. ليست عقولكم من ذهب وعقلي من حديد.. وبذلك، واجه منطق الجمود والتقليد والأمر الواقع والعادات والتقاليد التي تعطي القداسة، فلا قداسة إلا للمقدّس”.

وأضاف: “لقد أراد السيّد للأمة أن يكون لها الحضور الكبير.. وأن تستعيد دورها الفاعل، ولديها كل المقومات لذلك.. لذا عمل ألا تكون خشبة في تيار الَّذين يتقنون التلاعب بالعقول، وإثارة الغرائز والعصبيات والحساسيات، واللعب على الأوتار الطّائفيّة والمذهبيّة.. وكان يرى أنَّ هذا الوعي الحرّ هو الَّذي سوف يفجّر طاقاتها وإمكانياتها، وإن لم تسعفها القدرات لكي تغيّر وقائع الحاضر.. فهي قادرة على ذلك في المستقبل”.

وقال سماحته: “إنّ السيّد(رض) صاحب السَّماحة، استطاع بفكره وأسلوبه أن يبلغ كلّ الناس.. فأراد لهذا الفكر أن يخترق الحواجز الّتي اصطنعت المذهبيّة والطائفيّة والسّياسيّة وغير ذلك.. وحرص على الكلمة المحبّبة، الكلمة التي تخرج من أعماق القلب، الكلمة التي تصل إلى القلب قبل العقل.. الكلمة التي لا تستفزّ الآخر، بل تحفّزه على التفكير”.

وأردف: “انطلاقاً من هذه السَّماحة، آمن السيّد(رض) بنهج المحبّة؛ المحبّة الّتي رآها في الله، واعتبرها هي الوسيلة إلى الله.. فالخلق كلّهم عيال الله، وأحبّهم إليه أنفعهم لعياله.. وقد حوَّل هذه المحبّة إلى مؤسَّسات، وطبعها في فكره ومواقفه وتطلعاته ومعالجته لقضايا الإنسان والوطن.. وهذه المحبّة هي الّتي دفعته إلى أن يكون رجل لقاء وحوار وتواصل وانفتاح.. فلم يتوقّف عن مدّ جسور التلاقي مع الآخر، بل عزَّز التلاقي حيث عزَّ التّلاقي، وكرَّس نهج الحوار حين لم يكن هناك حوار..

ولذلك، كان السيّد حاضراً وسيبقى حاضراً.. لأنَّ الحياة لن تبقى إلا لمن يحملون في قلوبهم الطَّهارة والعطاء والحبّ للناس، والتّضحية من أجل قضاياهم، فلا مكان للحاقدين وأصحاب القلوب السوداء. ولذلك، بقيت المؤسَّسات التي أرسى السيد(رض) دعائمها، وبقي فكره وفقهه وحضوره ونهجه الَّذي كان وسيبقى أقوى من الغياب، على الرغم من كلّ الّذين يزالون يثيرون الضّجيج في الطَّريق”.

ثم خاطب صاحب الذكرى قائلاً: “تستطيع أن تطمئنَّ سيدي إلى أنَّ هذه الأمة الَّتي تعبت معها ولأجلها، لم تخذلك.. وبعد الرحيل، تابعت حمل الأمانة.. وستبقى تتابع ما بدأت، وترفض العودة بعقارب الزمن إلى الوراء..”، مؤكداً أن السيد الذي لم يرد أن يكون له أتباع يعبدون الشخص، أو أن يكون زعيماً لحزب يريد أعضاءً ينفذون التعليمات، بل كان يريد أن يكون كلّ واحد منكم قائداً..”.

وخلص إلى القول: “في ذكرى رحيلك سيّدي، نجدّد العهد بأن نخلص للإسلام كما أخلصت له، وأن نعمل له كما عملت في حياتك من أجله.. سنحمل رسالتك.. رسالة الإسلام.. رسالة العقل.. والمحبة.. والحرية.. والحوار.. والعدل.. والانفتاح.. نعمل للإنسان.. ولكلّ الناس، في مواجهة الظلم والإقصاء والتهميش والإلغاء.. وسنبقى حاضرين في كلِّ ساحات الحريَّة، وفي مواجهة دعاة الفتنة ومغتصبي الأرض، وخصوصاً فلسطين.. نقف معاً في مواجهة من يريد إسقاط عزة هذه الأمة ووحدتها وكرامتها وحضورها.. رافضين كل مشاريع التقسيم والتفتيت..”.

شاهد أيضاً

في رثاء الحاج طلال شرارة (أبو علي)

قم أيها الحبيب! رد هذا التراب عن وجهك وحدثنا فنحن لم نودعك كما الزوجة والأبناء …