يضخّ القلب الدم الى كلّ الأعضاء الحيوية في جسم الانسان، ولكن عندما تعاني المضخة من خلل ما، لا تعود قادرة على أداء وظيفتها كما يجب. وهناك بعض الحالات المرضية العابرة وغير الخطيرة التي يمكن أن تشكل تهديداً مباشراً لصحّة القلب… فهل يستطيع الرشح أن يقتلنا؟ لا يستثني القصور في عضلات القلب أحداً، فجميع الفئات العمرية معرّضة لهذه المشكلة، وقد يكون عدم الإلمام في هذا الموضوع السبب الأساسي لتطوّر مضاعفات القصور.
الدكتور بسّام حرب، اختصاصي قلب وشرايين أتى من المانيا إلى لبنان بعد مزاولته الطبّ هناك لأكثر من 20 عاماً، ليستقبل عند وصوله إلى لبنان 3 حالات شديدة الصعوبة وعلاجها معقّد، إثر تطور الحالات الثلاث من القصور الخفيف الى الشديد نتيجة التعب والارهاق وعدم معرفة المرضى انهم يعانون من أي مشكلة على مستوى القلب.
تتعدّد الأسباب المسؤولة عن القصور في عضلات القلب، والتي تسبّب تراجعاً في ضخّ كميّة الدم اللازمة لتغذية الدماغ وأعضاء الجسم.
وفي حديث لـ”الجمهورية”، يشير حرب إلى أنّ “أمراض شرايين القلب وارتفاع ضغط الدم وكثرة احتساء الكحول وبعض الادوية والعلاجات الكيميائية تزيد مشكلة القصور، اضافةً الى التهاب عضلة القلب الذي تسبّبه الفيروسات والبكتيريا”، مضيفاً أنّ “السبب الأكثر شيوعاً للاصابة هو الفيروسات، خصوصاً فيروس الكوكساكي”.
تفاصيل التهاب عضلة القلب
عندما يعاني المريض من أمراض القلب والشرايين يصبح معرّضاً للجرحة القلبية، وعندما لا يضخ القلب الدم بالشكل الطبيعي، أي بين 60 و80 في المئة، عندها نتكلم عن القصور الذي ينقسم بحسب حرب الى 3 مراحل:
1- القصور الشديد: بين 10 الى 35 في المئة
2- القصور المتوسط: بين 35 و45 في المئة
3- القصور البسيط : من 45 الى 60 في المئة
علاقة الرشح بالقصور
70 في المئة من الحالات تعود الى مشاكل الالتهاب، وقد يكون السبب بسيطاً جدّاً مثل الاصابة برشح عادي، ويشرح حرب قائلاً: “بعد أسبوع من اصابة المريض بالرشح، يبني جسمه من الاجسام المضادة للتخلّص من الفيروس، وبدل أن تهاجمه يمكن ان تنحرف نحو عضل القلب فتسبّب القصور فيه، كما يمكن ان ينتقل الفيروس بنفسه نحو القلب فيسبّب المشكلة ذاتها”.
إنّ عوارض الاصابة بالقصور مشابهة لعوارض الرشح، لذلك قد يجهل الغالبية انهم مصابون بأيّ مشكلة على صعيد القلب. ويوضح حرب أنّه “يجب زيارة الطبيب اذا استمر الرشح اكثر من 3 ايام من دون لمس أي تحسّن عند المريض، واستمرار حالة التعب والارهاق وضيق التنفّس عنده”.
الى ذلك، كلّنا نعلم أنّه من النادر ان يصاب احدهم بالزكام وان يتوجه الى طبيب القلب، وفي هذا الاطار يوضح: “يجب التوجّه الى طبيب العائلة او الى الطبيب العام الذي سيوجّه المريض الى الاختصاصي المناسب، خصوصاً بعد وصف المضادات الحيوية واستمرار العوارض، وتجدر الاشارة الى انّ المضادات تقتل البكتيريا وليس الفيروسات”.
النوبة القلبية
فحوصات عدّة تجرى للمريض عند توجّهه إلى اختصاصي القلب، ويشرح أنه “يبدأ التشخيص من خلال تخطيط خاص للقلب، وفحص دم لأنزيم القلب ومن ثم مخطط صدى القلب (ECHO) الذي هو أفضل اختبار لتشخيص المرض ومعرفة سبب قصور القلب. بعدها يكون توجيه العلاج حسب التشخيص، واذا أهمل المريض نفسه يؤدّي ذلك الى نوبة قلبية”.
ويضيف: “بعد الـ Echo اذا لوحظ انّ قصور القلب بسيط، لا نقوم بالفحوصات التشخيصية الاخرى، واذا وجدنا انّ القصور شديد وخصوصاً اذا كان المريض تحت عمر الـ60 عندها يكون التشخيص اشمل ونلجأ الى الفحص بواسطة الرنين المغناطيسي للقلب (MRI)، او من خلال اخذ خذعة من القلب وزرعها للتعرّف الى نوع الفيروس ومعالجته بالطريقة المناسبة”.
العلاج
يعالج المريض بحسب مرحلة القصور، ويفصّل حرب: “اذا كان بسيطاً، يعالج بمضادات الالتهاب وادوية مخصصة للقصور وكمية قليلة من الادوية التي تنشط القلب اضافةً الى الراحة والابتعاد عن السهر واحتساء الكحول او التدخين، والابتعاد عن الرياضة والمجهود.
ويكون العلاج لمدّة اسبوعين يتم بعدها اعادة الفحوصات للتأكد من الشفاء. وتجدر الاشارة الى انّ 85 في المئة من الحالات يشفى منها المريض وكأنّ شيئاً لم يكن. وينطبق العلاج نفسه على مرحلة القصور المتوسط او لمدة اطول اي حوالى الاسبوعين او اكثر”.
زراعة القلب
يختلف علاج القصور الشديد عن البسيط والمتوسط لأنّ حالة المريض تكون اخطر ويكون هناك ضرورة لدخوله الى العناية الفائقة في المستشفى، ويلفت حرب الى انه “اذا لم تتحسن حالة المريض بعد الادوية، عندها يكون هناك ضرورة لزرع قلب اصطناعي، ومحاولة تأمين واهب لقلب طبيعي، وفي هذه الحالة كلما كان المريض كبيراً في العمر كلما كانت حالته أخطر”.
اللقاحات
ويضيف: “5 الى 10 في المئة من القصور الشديد تتطلب علاجاً شديداً، وقد تؤدي الى وفاة المريض حتّى لو كان صغيراً في السن ويتمتع بجهاز مناعي جيّد، مشدداً على “ضرورة الابتعاد عن التعب والسهر والكحول عندما نصاب بالرشح لأنّ جهاز المناعة يكون ضعيفاً ونكون عرضة للكثير من الامراض”. مشيراً الى أنه “يحاول الباحثون اليوم إيجاد لقاحات ضد الفيروسات المسببة للقصور لا سيما الكوكساكي، للوقاية من هذا المرض”.
(راكيل عتيق – الجمهورية)